تلوث الهواء وتغيير الشيفرة الوراثية: الرابط الخفي مع سرطان الرئة

كشفت دراسة بحثية جديدة عن أن تلوث الهواء لا يقتصر على التسبب في مشاكل تنفسية أو أمراض القلب، بل يمتد تأثيره إلى المستوى الجزيئي، حيث يمكن أن يؤدي إلى طفرات في الحمض النووي (DNA) مرتبطة بشكل مباشر بزيادة خطر الإصابة بسرطان الرئة.

يُعرف تلوث الهواء باحتوائه على جزيئات دقيقة (PM2.5) ومواد كيميائية سامة، مثل الهيدروكربونات العطرية متعددة الحلقات والمعادن الثقيلة، والتي يمكنها التغلغل بعمق في أنسجة الرئة. وفقاً للبحث الجديد، فإن التعرض المزمن لهذه الملوثات يمكن أن يسبب تلفاً في المادة الوراثية لخلايا الرئة، ما يؤدي إلى تغيرات في الجينات المسؤولة عن تنظيم نمو الخلايا وإصلاح الأضرار.

وأوضح العلماء أن هذه الطفرات قد تؤدي إلى تعطيل "جينات الحراسة" التي تمنع الخلايا من النمو بشكل غير منضبط، أو قد تُنشّط جينات "الأورام" التي تزيد من قابلية الخلايا للتحول السرطاني. وهذا الاكتشاف يعزز فهمنا للعلاقة بين البيئة والصحة، ويوفر أدلة جديدة على أن مكافحة تلوث الهواء ليست فقط قضية بيئية، بل قضية صحية ملحّة.

كما أكد الباحثون أن المناطق الحضرية ذات المستويات العالية من التلوث الهوائي، خاصة في المدن الصناعية المزدحمة، تشهد نسباً أعلى من الطفرات المرتبطة بسرطان الرئة. ويأمل الفريق العلمي أن تسهم هذه النتائج في دفع صانعي القرار إلى سن قوانين أكثر صرامة للحد من الانبعاثات الضارة.

من الناحية الطبية، يمكن أن يفتح هذا الاكتشاف آفاقاً جديدة في التشخيص المبكر، عبر فحوصات جينية للكشف عن الطفرات المرتبطة بالتلوث، مما يسمح بالتدخل العلاجي قبل تطور السرطان. كما يدعو الباحثون الأفراد إلى اتخاذ خطوات وقائية، مثل استخدام أجهزة تنقية الهواء في المنازل، وتجنب المناطق الملوثة قدر الإمكان، ودعم السياسات البيئية النظيفة.

في ضوء هذه النتائج، يصبح من الواضح أن حماية رئاتنا تبدأ بحماية الهواء الذي نتنفسه، وأن العلاقة بين البيئة وصحتنا أعمق بكثير مما نتصور.

 

2025 © جميع الحقوق محفوظة - اخبار الصحة والتعليم العالمية